مجنون أنا يا ليلى
في أحد الأحياء الفقيرة....كان يعيش العم عمر الذي يبلغ من العمر 62سنة ولديه5 بنات..كانت الكبرى تدرس في الجامعة وكان حلمها أن تنجح وتتخرج وتشتغل لتزيح بعض من الحمل الثقيل على والدها..توفيت زوجته وهي تضع له آخر مولودة اسمها دعاء ..كان يحبها والدها كثيرا لأنها تذكره بوالدتها وسبب وفاة زوجته كان بسبب المال وذلك وذلك في ليلة شتاء لم يكن لديهم مايكفي من المال لإجراء العملية في المشفى الكبير لأن الولادة كانت صعبة ..وظلت في المشفى القرية حيث سكناهم ..تعبت كثيرا ولم تستطع تحمل المزيد من العذاب واستسلمت وقالت للأطباء:"لا تهتموا لأمري المهم أن ينجو ما في بطني.."وهذه أكبر تضحية تقدمها الأم،كانت تظن أن ما في بطنها سيكون ولد وهذا سيسعد زوجها وينسيه حرقة الفراق ولكن لم يستسلم أمام بناته وظل صامدا حيث أنه يشتغل حارس في إحدى الشركات التجارية الكبيرة،كانت حنان دائما تأخذ الغذاء لأبيها مع الظهيرة حينما تذهب هي وأختها شهر زاد للدراسة كانت الفتيات تعشن النقص والحرمان ..يتحطم قلب عمر كلما رأى بناته في هذه الحالة ولكن يحمد الله على أنهم يدرسن وينجحن بتفوق وهذا ما ينسيهم همومهم.
وفي يوم من الأيام كان دوام العم عمر في الليل،وبينما كان يصول ويجول في ذلك المكان الرائع والمنظر الجميل للشركة وحده ويتمنى لو كان مثله فجأة سمع مشي في الجهة الخلفية فذهب متخفيا خلف الشجيرات يستطلع الأمر..وإذا به يرى أخو صاحب الشركة ..دخل الشركة وحسب ما رآه انه دخل مكتب أخاه يعني صاحب الشركة..و أخذ منه بعض الأوراق و المستندات ورحل مسرعا ...أحس العم عمر أن هذا الأمر غريب ،و أخذ يسأل نفسه قائلا "لو لم يكن سارق لأتى في النهار أمام الملأ و أخذ ما يحتاجه "...ثم قال "لا ،لا ربما الأستاذ طارق هو من بعثه "...
مرت الأيام ،جاءت الشرطة للشركة ، ثم انتشر خبر أن هناك مستندات مهمة مسروقة من مكتب الأستاذ طارق و آخر من استجوبوه الحارس ...صرح العم عمر انه لم يرى أحد لأنه لم يكن يتوقع أن يكون أخوه هو المجرم ...وربما يتسبب ذلك بمشاكل في شغله لو اعترف بما رآه ....
لا يزال التحقيق قائم ...و العم عمر حائرا في أمره ...فلم يكن عليه سوى أن يستشير ابنته ليلى لأنها متعلمة وتفهم في مثل هذه الأمور ،ولطالما كان يستشيرها في أي يستصعب عليه ...
وعلى مائدة العشاء ،قرر أن يفاتحها في الموضوع ،فقص لها ما حدث في الشركة ...وما قاله للشرطة ،قالت له :"أبي ماذا تتوقع أن يكون رأيي ، لماذا لم تخبر صاحب الشركة بهذا الأمر ، أب لقد حدث هذا في دوامك ،يعني إذا لم يجدوا الفاعل ربما يلصقون التهمة فيك ،ولسنا حملا لهذا يا أبي الغالي يكفينا ذهاب أمنا "... رد عليها "خفت أن اخسر عملي ..ولكن سأخبر صاحب الشركة بذلك غدا.."
في اليوم التالي ذهب العم عمر لصاحب الشركة ، كان متردد،لكن حين تذكر كلام ليلى تشجع و أكمل طريقه ...أخبر صاحب الشركة بما حدث تلك الليلة ... ،تفاجأ طارق لما سمعه ، ثم تقدم منه قائلا :"لماذا لم تخبر الشرطة بذلك ...لماذا انتظرت كل هذا الوقت لتخبرني "...قال له أنه خاف أن يتسبب ذلك بمشاكل في شغله ، لأن هذا الشغل هو مصدر رزقه الوحيد ...ثم أكد طارق على عمر أن لا يتفوه بما قاله أبدا حتى يتأكد – كان يتكلم معه بخشونة و بألفاظ غير لائقة - ثم أمره بانصراف ...وطلب الأستاذ طارق أخاه على الهاتف وأمر أن لا يزعجه أحد ، وألغى كل مواعيده ......ظلا عدة ساعات وهما في المكتب ثم خرج أخو طارق و اتجه نحو الحارس -أي عمي عمر- وهدده بأنه ينقل أخبار اسيتحمل المسؤولية لأنه كشف سره ، ثم خرج الأستاذ طارق و أيضا كانت نظراته لا تبشر بالخير ....هذا دليل أن أخاه مسح التهمة في الحارس المسكين ، وحسب كلماته يبدو أن ذاك السارق قد لفق قصة و أقنع طارق بها وهي أن الحارس يشتغل مع غيره ،وهو في الشركة جاسوس ينقل لشركة للغرباء مقابل النقود وأكيد أنه هو من سرق المستندات
في يوم من الأيام جاءت الشرطة و أخذت العم عمر من منزله ، وقطعت مجلسه مع بناته ...حزنت الفتيات كثيرا ...لكن ليلى أحست أن هذا الأمر متعلق بالسرقة التي حدثت في الشركة...
وفي اليوم التالي ذهبت للمركز الشرطة،كانت ليلى تفهم في مثل هده الأمور ، ودائما تنطق الحق ولو كان يضرها ، جلست مع المسؤول بسبب حجز والدها...ضلت ليلى تردد " أبي مظلوم ،أبي بريء..." رد عليها "هذا يظهر بعد التحقيق يا آنسة "...خرجت ليلى واتجهت للشركة التي يشتغل بها أباها ،وبينما هي داخلة التقت مع صاحب الشركة وهو خارج لكن لم تكن تعرفه ،استأذنت محية " مرحبا أخي هل هذه شركة الأستاذ طارق التجارية " رد عليها "هذه بعينها وأنا الأستاذ طارق ..." قالت:" أهلا ، ليس غريب أن تكون أنت طارق ...ولكن ليس هذا ما أتيت أحدثك فيه ، أنا بنت الحارس ...الذي ظلمتموه و أدخلتموه الحجز مكان مجرم آخر الذي هو أخاك " قاطعها منفعلا :"لا أسمح لكي بالتكلم معي بهذه اللهجة ،احترمي نفسك فأنت تدوسين بساطي ...و إلا سألحقك باباك" .. بينما هو يتحدث بهذه الخشونة معها ، قاطعها شاب قائلا "ابي ،لماذا أنت منفعل هكذا ...ولماذا تصرخ في وجه حسناء جميلة مثل هذه"،ثم التفت لها وقال "معك قيس ،ابن صاحب الشركة " ومد يده لمصافحتها ...نظرت له وقالت " لست معتادة على مصافحة الغرباء ، معك ليلى ابنة الحارس المظلوم ...ليس غريب أنك أبنه هذا واضح من تصرفاتك الفضة "...أعجبته كثيرا طريقتها الجافة ...وشجاعتها حيث أنها لم تخف ...
رحلت ليلى وهي آملة أن يغير صاحب الشركة رأيه ...اتجهت إلى الجامعة لتبرر غيابها ،ثم تعود للمنزل لتعتني بأخواتها لأنها بمثابة أم لهن ....
مرت الأيام و لا يزال الحال على حاله ...في كل يوم تذهب ليلى لزيارة أبيها ...و في يوم من الأيام وجدت قيس مع أبيها ، فاجأت ليلى وتقدمت محيية "مرحبا أبي كيف حالك ؟"...التفت قيس لها وقال " مرحبا ليلى ألم تريني أو ماذا ؟"...ردت قائلة "مرحبا و لكن عادة لا أنتبه على من حولي فتفكيري مشتت ، وكل ما يهمني أبي "..، رد والدها "أتعلمين ليلى لماذا أتى قيس ؟"...ردت ليلى "لا ولكن أظن أنه يريد أن يكمل ما بدأه أباه "، رد عليها قائلا "لا يا صغيرتي ، ولكن أتى ليساعدنا ، وهو يملك دليل قاطع على أني بريء" فرحت ليلى كثيرا و قالت "ما هو ...هل يمكنني أن اعرفه ...هل حتما ستساعدنا ؟"...نظر اليها مبتسم " أكيد سأساعدك أيتها الحسناء الجميلة "ثم انتبه أنه ليس لوحده فقال " أقصد سأساعد أباك حتى يعود لكن ، فأنا أعلم بحالكن ، ولا تخافي سيعود والدك ..." ثم تقدم منها و أعطاها نسخة من قرص مرن ، حسب قوله ، فهذا هو الدليل و قال لها أن لا تخبر أحد حتى يوم الجلسة و اجتماع الجميع يقصد أباه و عمه ...كان الدليل عبارة عن مقطع مأخوذ من الكاميرا التي كانت في الخزنة تلك الليلة ...ذهب قيس ليخبر أباه بما لديه ...لم تعجبه طارق فكرة أن أخاه هو السارق ...رغم الدليل الذي بيده ..وطلب من قيس أن لا يحظر الجلسة ...رغم أن قيس تعب في إقناع والده بأن يقف مع الحق ..لكن طارق لم يكن معه في فكرته أبدا ...اتصل قيس بليلى و أخبرها بما حدث ، وأخبرها أيضا أنه يجب أن يقابلها ليجدا حلا لهذا المشكل ، وافقت ليلى على ذلك ....
جلسا طويلا ثم قال لها "ليلى إذا لم احظر أنا الجلسة فيجب عليك تقديم الدليل للمحقق وإذا طلب منك النسخة الأصلية"،ردت عليه" ولكن لماذا لا تريد أن تحضر الجلسة فأنت الوحيد الذي سيقف معي هناك"، رد عليها " أنا أثق في قدراتك ليلى ، فلا تنسي أنك ستكونين محامية كبيرة يوما ما تدافع عن الحق وتكشف الأسرار وتساعد الأبرياء الضعفاء" ، ابتسمت ثم قالت له "يكفي كلامك هذا ، لقد شجعني كثيرا،بإذن الله سيعود أبي معي للمنزل إذا" ، قيس" أكيد سيعود معك "...قامت ليلى قائلة " أنا ذاهبة الآن تأخر الوقت ".. رد عليها " انتظري سأوصلك في طريقي "،ردت عليه "لا ..شكرا فأعين الناس لا ترحم قال لها "حسن انتبهي لحالك وعندما تصلين اتصلي بي " ، ردت عليه :"أكيد سأتصل بك ...وداعا "...
و في اليوم التالي قدم الجميع مبكرا لحضور جلسة المحكمة ، كانت ليلى خائفة ،لأنها ترى نفسها ضعيفة أمام طارق وشركائه ، وبينما هي تفكر في أبيها اتصل بها قيس و شجعها و طلب منها ان لا تخاف لأنه في الخارج ينتظر خروجها مع والدها ...فرحت كثيرا و نسيت كل ما كان يخيفها ...بدأت الجلسة و منذ بدايتها وهي في ضد العم عمر ، لم تتحمل ليلى الوضع و أول ما سمح القاضي للمحامي الموكل على أبها بالاعتراض ، وقفت هي و قاطعته بكل احترام قائلة " سيدي القاضي لدي ما يثبت أن أبي بريء " و أخرجت القرص من محفظتها ووضعته أمام القاضي ، تفاجأ الجميع حتى محامي ابيها ...حاول محامي طارق الاعتراض لكن القاضي لم يسمح له بذلك ،و أصبح كل شيئ في صالح العم عمر الآن ، وكسب القضية و كل هذا بمساعدة من قيس ....
عاد العم عمر للبيت حيث أنهم أقاموا حفلة صغيرة تعبر عن فرحتهم بعودة والدهم ، وكان قيس معزوم أيضا ، وبينما الجميع مستمتع في ذلك الجو الرائع ، طلب قيس أن ينفرد بالعم عمر قليلا لأنه يريد الحديث معه في موضوع خاص ،وافق العم عمر على ذلك ، تردد قيس في الحديث وارتبك ولم يعرف كيف يبدأ ، ثم استجمع قواه وقال "عمي عمر ،أنا طرقت بابك ولي عند طلب و أتمنى ان لا تردني فيه "،العم عمر "نعم أأمرني فأنا لم أنسى ما قدمته لي من معروف ، ووقفت مع ابنتي في أوقات الشدة "،رد عليه :"أنا اردت ان انتهز هذه الفرصة لأن الفرح يملأ المكان ،و أريد أن يملأ الفرح قلبي أيضا ...وذلك بموافقتك على طلب يد ليلى ..." ساد الصمت بينهما فلم يعرف العم عمر ما يقوله، لأنه سعيد جدا وفي نفس الوقت خائف على مستقبل ابنته مع قيس ...ثم ابتسم وقال :"وهل سألت ليلى في هذا الموضوع ؟"...رد عليه قيس "لا يا عمي ...لكن سأتكلم معها حين تسمح لي انت " ثم قال عمر :"لكن هل يعلم اباك بهذا الموضوع ؟" قيس:" لا ،لكن سأحاول أن أكلمه وأتمنى أن يتفهمني " ،رد عليه " أنا لن أوافق حتى يكون بالتفاهم بين الطرفين ،فأنا لا أحب خلق المشاكل ، فيكفيني اني بقيت بلا عمل ".....قيس:" لا تخف يا عمي سأفاتحه اليوم في هذا الموضوع ، وبإذن الله سيوافق" ثم استأذن قيس ذاهبا..
يتبع+يتبع +يتبع